اللهم قد اراني قوته عليّ .. فأرني قوتك عليه
يروى أن صـيادا لديه زوجة وعيال، لم يرزقه الله بالصيد عدة أيام حتى بدأ الزاد ينفد من البيت وكان صابرا محتسبا
وبدأ الجوع يسري في الأبناء، والصياد كل يوم يخرج للبحر إلا أنه لا يرجع بشيء. وظل على هذا الحال عدة أيام.
وذات يوم، يأس من كثرة المحاولات، فقرر أن يرمي الشبكة لآخر مرة وإن لم يظهر بها شيء سيعود للمنزل
ويكرر المحاولة في اليوم التالي فدعى الله ورمى الشبكة، وعندما بدأ بسحبها، أحس بثقلها فاستبشر وفرح
وعندما أخرجها وجد بها سمكة كبيرة جدا لم ير مثلها في حياته.
ضاقت ولما استحكمت حلقاتها * * * فرجت وكنت أظنها لا تفرج
فأمسكها بيده، وظل يسبح في الخيال .... ماذا سيفعل بهذه السمكة الكبيرة ؟ فأخذ يحدث نفسه
سأطعم أبنائي من هذه السمكة ... سأحتفظ بجزء منها للوجبات الأخرى .... سأتصدق بجزء منها على الجيران
سأبيع الجزء الباقي منها ... سأأأأأأأ ... وقطع عليه أحلامه صوت جنود الملك .... يطلبون منه إعطائهم السمكة لأن الملك أعجب بها. فلقد قدر الله أن يمر الملك مع موكبه في هذه اللحظة بجانب الصياد ويرى السمكة ويعجب بها .. فأمر جنوده بإحضارها.
رفض الصياد إعطائهم السمكة، فهي رزقه وطعام أبنائه وطلب منهم دفع ثمنها أولا، إلا أنهم أخذوها منه بالقوة.
وفي القصر … طلب الحاكم من الطباخ أن يجهز السمكة الكبيرة ليتناولها على العشاء.
وبعد أيام … أصاب الملك (داء ) في إصبع قدمه فاستدعى الأطباء فكشفوا عليه وأخبروه بأن عليهم قطع إصبع رجله
حتى لا ينتقل المرض لساقه فرفض الملك بشدة وأمر بالبحث عن دواء له. وبعد مدة، أمر بإحضار الأطباء من خارج مدينته
وعندما كشف الأطباء عليه .. أخبروه بوجوب بتر قدمه .. لأن المرض انتقل إليها، ولكنه أيضا عارض بشدة
بعد وقت ليس بالطويل، كشف الأطباء عليه مرة ثالثة فرأوا أن المرض قد وصل لركبته فألحوا على الملك ليوافق
على قطع ساقه لكي لا ينتشر المرض أكثر… فوافق الملك …. وفعلا قطعت ساقه.
في هذه الإثناء، حدثت اضطرابات في البلاد، وبدأ الناس يتذمرون. فاستغرب الملك من هذه الأحداث..
أولها المرض وثانيها الاضطرابات.. فاستدعى أحد حكماء المدينة، وسأله عن رأيه فيما يحدث معه
فأجابه الحكيم: لابد أنك قد ظلمت أحدا؟
فأجاب الملك باستغراب: لكني لا أذكر أنني ظلمت أحدا من رعيتي.
فقال الحكيم: تذكر جيدا، فلابد أن هذا نتيجة ظلمك لأحد.
فتذكر الملك السمكة الكبيرة والصياد.. وأمر الجنود بالبحث عن هذا الصياد وإحضاره على الفور
فتوجه الجنود للشاطئ، فوجدوا الصياد هناك، فأحضروه للملك
فخاطب الملك الصياد قائلا: أصدقني القول، ماذا فعلت عندما أخذت منك السمكة الكبيرة؟
فتكلم الصيادة بخوف: لم أفعل شيئا.
فقال الملك: تكلم ولك الأمان.
فاطمأن قلب الصياد قليلا وقال: توجهت إلى الله بالدعاء قائلا:
(( اللهم لقد أراني قوته علي، فأرني قوتك عليه )).
لا تظلمن إذا ما كنت مقتدرا * * * فالظلم ترجع عقباه إلى الندم
تنام عينك والمظلوم منتبه * * * يدعو عليك وعين الله لم تنم
**************************************